فلسفة خلق الإنسان، حكمة إلهية بالغة وعميقة، تفوق إدراك العقل البشري بكليتها. جوهرها يكمن في تجلي أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، فالله بصفاته كـ الغفور، الرحيم، العفو، الحليم، أراد أن تظهر آثار هذه الأسماء بشكل ملموس. لذلك، أُنزل آدم وذريته إلى الأرض، لتكون ساحة لتجلي رحمته الواسعة ومغفرته العظيمة، هنا يُختبر الإنسان ويُطلب العفو ويُرزق الحلم، فتتضح بذلك كمالات الخالق وعظمته في تدبير هذا الوجود.
القرآن الكريم ليس مجرد كتاب، بل هو **الرسالة الإلهية الخالدة**، ونورٌ وهدى منزلٌ من **خالق الكون العظيم ورب العالمين أجمعين**. أنزله سبحانه وتعالى على **قلب سيد البشر وخاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)**، ليكون **منهج حياة شامل** ودستوراً يهدي البشرية جمعاء. يرشد القرآن الناس إلى **غاية وجودهم الحقيقية**، ويكشف لهم أسرار خلقهم، ويوضح لهم كل ما يحقق لهم **السعادة الكاملة والطمأنينة الدائمة** في دنياهم الفانية وآخرتهم الباقية. إنه **الفرقان الذي يميز بين الحق والباطل**، والشفاء لما في الصدور، وطريق النجاة من **الشقاء الأبدي والعذاب بعد الموت**، ومفتاح الفوز برضا الله وجنانه لكل من آمن به وعمل بما فيه.
هو الخالق العظيم، الذي أبدع هذا الكون الفسيح بما فيه من سماوات تزينها النجوم الباهرة والمجرات المتناثرة بنظام محكم، وبسط الأرض لتكون مستقراً لكل كائن، فأخرج منها نباتات متنوعة وثماراً يانعة، وجعل لكل مخلوق زوجين ذكراً وأنثى، في آيات باهرة تشهد على حكمته البالغة وقدرته المطلقة. إنه المبدع الذي لا تدركه الأبصار، والخالق الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، المستحق وحده للعبادة والحمد على نعمه التي لا تحصى.
يُعلي الإسلام من شأن المرأة ويمنحها مكانة مرموقة ومنزلة رفيعة تتفرد بها شريعتنا السمحاء عن سائر التشريعات والديانات. فقد كرمها الله كرمًا عظيمًا، مساويًا للرجل في التكليف والجزاء، ومُسندًا لها حقوقًا وواجبات متكاملة تليق بكرامتها الإنسانية الفطرية. تتجلى هذه المكانة السامية في إطار من العدل والإنصاف الإلهي الذي يضمن لها كافة حقوقها المدنية والاجتماعية والاقتصادية، ويكفل لها الأمن والاحترام في جميع مراحل حياتها، سواء في الحياة الدنيا أو في الآخرة. فالإسلام يصون كيانها ويهيئ لها الظروف للمساهمة الفاعلة في بناء الأسرة والمجتمع على أسس من المودة والرحمة والاحترام المتبادل، مؤكداً على أنها شطر المجتمع وجزء لا يتجزأ من تقدمه وازدهاره.
التوبة في الإسلام ليست مجرد كلمة عابرة، بل هي رحلة روحية عميقة تؤكد على إقرار الإنسان بضعفه البشري واعترافه بالخطأ، وفي الوقت ذاته تعظيم لعفو الله المطلق ورحمته الواسعة. وكما علمنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإن "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"؛ ما يرسخ مبدأ أن التوبة ليست نهاية الطريق بل بداية جديدة نحو النقاء والصفاء. إنها دعوة مفتوحة ودائمة للعودة إلى الله بقلب منيب، تستوجب الندم الصادق على الذنب، والإقلاع عنه فوراً، والعزم الأكيد على عدم العودة إليه، مع رد المظالم إن وجدت. هي مطهر للروح والقلب، تزيح أعباء الذنوب وتمنح النفس سكينة وطمأنينة، وتبعث الأمل في النفوس اليائسة. باب التوبة مفتوح لا يغلق أبداً أمام العبد ما لم تبلغ الروح الحلقوم، وذلك تعبيراً عن رحمة الله التي وسعت كل شيء ورغبته في مغفرة عباده وإنقاذهم. فمن خلال التوبة، ينال المؤمن عفو ربه، بل ويتحول الذنب إلى حسنة بفضله تعالى وكرمه، محققاً القرب من خالقه ومدركاً لمحبة الله للتوابين والمتطهرين.
تفوق الإسلام ينبع أساسًا من كونه وحيًا إلهيًا خالصًا من عند الله تعالى، خالق الكون ومدبره. هذا الأصل الرباني يمنح شريعته كمالًا وحكمة بالغة تفوق إدراك البشر وقدرتهم على الإتيان بمثلها. هي منهاج حياة شامل، لا يترك جانبًا من جوانب الوجود الإنساني إلا ونظمه بقواعده المحكمة. يلبي الإسلام فطرة الإنسان وحاجاته الروحية والمادية، مقدمًا السعادة والأمان الحقيقيين في الدارين. ويتميز بمبادئه الخالدة القائمة على العدل المطلق والرحمة الواسعة التي تشمل كل المخلوقات. لقد حفظ الله تعالى هذا الدين العظيم من التحريف، فبقيت نصوصه وأصوله نقية لا تشوبها شائبة. وقد أثر الإسلام في قيام حضارات عظيمة ونشر العلم والقيم الأخلاقية الرفيعة عبر التاريخ. إن رسالته عالمية شاملة لكل البشرية، لا تقتصر على زمان أو مكان أو جنس محدد، بل تخاطب الإنسانية جمعاء. وهو يدعو للعقل والتفكر والتدبر، ويقدم براهين واضحة على حقائقه، مما يجعله يقينًا للعقول النيرة. كما أشار ابن القيم (رحمه الله) أن شريعة الإسلام وحكمتها بالغة الدقة بحيث لا يستطيع حكماء العالم مجتمعين الإتيان بأكمل منها.
تطوير midade.com
